قبل أن تحبس نفسك في تخصص ما، اقرأ هذه التدوينة

يا مساء الخيرات^^

كنت أحاول أن أترجم بعض النصائح في تحسين محركات البحث، لكن بعض الأكواد اللعينة اعترضت طريقي وأطفَأت حماسي، أرأيت؟ تفعل الكثير هذه الأشياء الصغيرة، ولا يبدو عليها ذلك. فلا تستخفّ بشيء وكن حاضرًا مع أفكارك ونقّب عن الأسباب التي تمنعك من فعل شيء يتحتّم عليك فعله.

أو دعنا لا نقل يتحتّم عليك، بل أنت ترغب فيه وبشدّة.

كواليسي مع الترجمة

سأتحدّث عن الترجمة وقصتي معها، لازلتُ أذكر حين قُبلت في شهادة الماستر تخصص تاريخ اللسانيات في اللغة الألمانية. ربما هكذا كان اسمه… فأنا لا أريد أن أتعب عقلي بتذكّره. فالحصة الأولى كانت كفيلة أن تجعلني أخرج دون عودة لذلك القسم. لقد حملت نفسي وذهبت مباشرة للإدارة وأخبرتهم أنني سأسحب ملفي.

نظر إليّ المسؤول بغرابة وقال:

أنت متأكدة! إن أخذته سنمنح مكانك لشخص آخر في قوائم الاحتياط.

أجبته: بنعم وذهبت دون التفات. أي جرأة هذه، لا أدري من أين جاءتني كل تلك الثقة، وذهبت مباشرة إلى قسم الترجمة وقدّمت الملف وعدت أدراجي للحي الجامعي.

وبعد أيام كنت أتفحًّص قوائم المقبولين في قسم الترجمة، صدّقني لم أكن خائفة أبدًا فقد أحرقت سفني ولم أعد أهتم، لأن الممارسات وطريقة التعليم في قسم اللغة الألمانية أفقدتني شهية الدراسة كليًا. وبتُ أراها لعبًا ولهواً مع كل احترامي للجادّين والمعطائين، لكنهم قلّة.

بعد أن وجدت اسمي هناك، بدأت صفحة جديدة… كنت سعيدة جدًا وقطعت عهدًا على نفسي أنني سأجتهد وأتعلّم وأتقدّم كثيرًا وكومة من الأماني التي لم تتجاوز كونها أماني فقط، واقع مرّ لكنها الحقيقة فلست هنا لأقول لك أنني كنت الأولى على دفعتي.

بعد أشهر من الدراسة، أصبحت أتغيّب عن أغلب المقاييس. فالأول منها كان يتحدّث عن اللسانيات وصديقنا فرديناند دو سوسور، لكنني أتذكّر جدته وهي تجلس في الحَوش وتتحدّث عن بنات اليوم والمكياج وصبغ الشعر… أكثر من اللسانيات إنها الحقيقة. واقترب لأخبرك سرًا، كان يسلّمنا كومة من الأوراق أظنها كانت عن تاريخ اللسانيات، لكنني لم أفتحها حتى في الامتحان.

كنت أحب مقياسين فقط، الأول كان عن نظريات الترجمة، وكانت الأستاذة تدرّسنا من قلبها وكنت أفهم وأحصّل علامات جيدة في الترجمة من الإنجليزية إلى العربية. والمقياس الثاني كان عن تعليمية الترجمة وللأمانة كنت أحب الأستاذة جدًا… كانت تستمع لشكاوينا من بقية الأساتذة بقلبها قبل أذنيها في نهاية الحصة، وكانت تعطينا الحق في الترجمة من الإنجليزية إلى الفرنسية أو العربية.

ونختار كما نريد، ولقد حصلتُ على أعلى علامة في الترجمة إلى العربية صدّقني… كانت تمدح لغتي العربية جدًا، وكان أستاذ لغة إسبانية يجلس أمامي ويخبرني أنني أضيع نفسي في ذلك الفوج وذلك التخصص. لم أفهم ما كان يراه.

الترجمة والعمل الحر

أجّلتُ العمل الحر بسبب أنني ضعيفة في الترجمة، ودخلتُ رديف لأجل الترجمة في المقام الأول. لكنني إلى الآن أماطل وأكتب هذه التدوينة لأحلّ اللغز… لستُ المحقق كونان لكنه أفضل كرتون وإلى الآن أشاهد بعض أفلامه باليابانية وتعجبني أصوات آآآآ وآآآي التي يُنهون بها الكلمات.

إذن لنأتي إلى لبّ المشكلة، إذا كان دخولي إلى رديف بسبب الترجمة، ولكنني تعلمت الكتابة بدلًا منها، فذلك يعني أنّ استعدادي للكتابة كان أقوى. أو ربما حماسي للترجمة كان أقلّ. أو ربما هناك معتقد خفيّ يعرقل عملية التعلّم. لا أستبعد ذلك فقد حصَلت مواقف أمامي في ذلك المعهد تُسبب صدمة فكرية وعاطفية وقد تقتلك أحيانًا.

أنت التخصص

لنعد إلى العنوان ولماذا قلت ما قلت فيه، كان قصدي أن لا تنجرف مع من يقول لك اختر نيتش niche، كرهتُ هذه الكلمة لشدة ما سمتعتها قبل البدء في الكتابة، الجميع ينادي بها وكأنها عقيدة. ارحموا أنفسكم وارحمونا ودعوا الناس وشأنهم.

حين يقول أحدهم أمامي كلمة نيتش أو اختر نيتش وتخصص فيه، أتذكّر حين كنا أطفالًا ويسألوننا عن حلمنا حين نكبر. فنقول مهندسة، ممرضة، طيّار، طبيب… وأتذكّر أنّ أحدهم قال للمعلم ذات يوم سأكون مساعد بنّاء. ضحك الجميع على اختياره، واليوم عرفت أنه الوحيد الصادق التي سَلمَ من برمجة المجتمع.

وهذا ما يحدث الآن، بدل أن يمارس كلٌ منّا ما يجيده وما يبرع فيه، أو يجرّب الكثير من الأشياء حتى يجد ما يحبّ وما يقدّمه بأفضل طريقة، تجدهم يسألون أيهما يدرّ عليّ الأموال البرمجة أم الكتابة. التصميم أم الترجمة… بدل كل هذه الأسئلة اذهب واشتر دجاجة تبيض لك الذهب.

لن تجد دجاجة بهذه المواصفات مطلقًا، لكن إن وجدت المهارة التي يجتمع فيها الحب والصبر والاستمرار فيها وتقدّم فيها خدمات لمستحقيها، فسأبشرّك أنك عثرت على الإوزة التي تبيض ألماسًا. بيضها أكبر والألماس أغلى… لكن الإوزة قبل أن تبيض، عليك إطعامها طعامًا فاخرًا وكذلك المهارة يا صديقي.

أما عن التخصص فقد كتب عن الموضوع عميد المدونين بفيض عنه، وأنا أتفق مع ما جاء فيه. وإن كنت تتسائل عن كيف تكون أنت التخصص بدل أن تترك نفسك فريسة للمماطلة وأنت تبحث عن التخصصات والتي تبيض الذهب أو الفضة… فاقرأ فلسفة دانكو والتي نقلها الأستاذ يونس.

لكن مهلًا سأخبرك بشيء قبل أن أودّعك، اقرأ كثيرًا قبل أن تسلّم عقلك لأحد ينادي بالتخصص ولا بمن ينادي بالعكس. في نهاية المطاف أنت تعرف ما تريد لكن الأهم أن لا تبقى مكانك تأكلك الفوضى، لذلك نصيحتي اشترك في رديف. وابق بخير…

ـــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ

حقوق الصورة البارزة: Photo by Pixaby on pixels

اترك تعليقًا

إملأ الحقول أدناه بالمعلومات المناسبة أو إضغط على إحدى الأيقونات لتسجيل الدخول:

شعار ووردبريس.كوم

أنت تعلق بإستخدام حساب WordPress.com. تسجيل خروج   /  تغيير )

صورة تويتر

أنت تعلق بإستخدام حساب Twitter. تسجيل خروج   /  تغيير )

Facebook photo

أنت تعلق بإستخدام حساب Facebook. تسجيل خروج   /  تغيير )

Connecting to %s