تدوينة بمناسبة يوم التأسيس السعودي وميلاد رديف

مساءك أخضر مشرق

أكتب لك من الجزائر بلد المليون شهيد كما يعرفها الجميع لكن لا أحد يعرف عن ملايين الدموع وملايين الآهات وملايين الصرخات … لأن المؤرخين اكتفوا بعدّ جثث الشهداء ولم ينتبهوا للقلوب التي ماتت بعدهم، ولا حتى للصرخات التي وصلت عنان السماء ومات أصحابها بعد ذلك.

فليس الميت من دفن فقط بل هناك من ماتوا مع الميت وماتوا مع المسجون وماتوا آلاف المرات مع كل طلقة رصاص. ماتوا وفقدوا حياتهم مع أصوات الطائرات… هكذا كنت أرى جدتي حين تتحدث عن أصوات الطائرات ويرتبك صوتها. وبقت حتى آخر أيامها رحمها الله ترتعب من صوت الطائرة وتقول لنا هناك طائرة تمرّ على الرابعة فجرًا.

وحين تحققت من ذلك وجدته صحيحًا، فما الذي يجعل عجوزًا في آخر عمرها تستيقظ على صوت طائرة مدنية فجرًا؟ إنه الخوف المعشش في أعماق روحها، لذلك لا تصدّق التاريخ صدّق حكايا الجدّات فقط واستمع لقصصهن وتفحّص ملامحهن ونبرة أصواتهن، فقط حينها ستعرف الحقيقة وستعرف كم عدد الشهداء وإن كانت الجزائر بلد المليون أو أكثر من ذلك.

يوم التأسيس السعودي

طبعًا لست هنا لأعيد سرد تاريخ الجزائر عليك بل أنا هنا لأقول يوم بدينا، صحيح أنّ يوم التأسيس هو يوم الوطن السعودي لكنه في الحقيقة أكبر من ذلك، هو يوم الطمأنينة التي زرعت في قلب الأولين، ويوم الإستقرار ويوم قصص الجدة السعودية التي ورّثتها أحفادها… هو يوم بآلاف الأيام والسنوات. فعمر الأوطان لا يقاس بأعداد منطقية.

بل يقاس بمشاعر الأم التي باتت على الجمر تنتظر أولادها، ومشاعر الاطفال الذين حرموا وجوه آباءهم ويقاس باللحظات التي امتدت دهرًا حين عاد المجاهد حيًا لأهله معافى. واللحظات التي ولد فيها أمل جديد وحياة أفضل حين رفرف العلم عاليًا واغرورقت العيون بدموع النصر والحرية وامتدّ بريقها للأجيال ولازلنا نرى نوره في وجوه الشعب.

أنا هنا لأقول لك كما للوطن يوم بدأ فيه، أنت أيضًا لديك يوم ميلاد وليس هو نفس يوم ميلادك بالضرورة. قد يكون يوم ميلادك وبدايتك هو اليوم الذي بدأت فيه مشروعك، أو وجدت فيه شريكك أو تعلمت فيه معنى الحياة.

مهما كان الذي تعيشه اليوم هناك فرصة لتبدأ من جديد، توقف عن المماطلة وابدأ… استغل الأعياد وبداية السنة وبداية الشهر وبداية الأسبوع وبداية اليوم وبداية اللحظة. لتبدأ قصتك الفريدة والملهمة.

أيا كان ما تعيشه ومهما كان صعبًا تذكّر أنّ مصيرك بين يدي ربّ رحيم أرحم بك من نفسك ومن أمك. حين تدرك هذه الحقيقة سترتاح نفسك وتطمئن روحك ومهما كانت الحروب التي في داخلك شرسة سوف تضع أوزارها حين يخالط الإيمان قلبك.

كل يوم وأنت بأمان واطمئنان صديقي العزيز يا من تقرأ هذه التدوينة، وقبل أن تغادر مدونتي ووطن حروفي ابتسم ولا تحرم قلبك الأمل في الأفضل والأجمل واقطع على نفسك عهدًا بالبدء من جديد وإن كنت في منتصف الطريق فجدد النية وجدد العهد وانطلق إلى حيث تمضي وليفتح الله دربك وقلبك ويجعلك كالماء تتدفق من درب إلى درب ومن قلب إلى قلب.

مجتمع رديف

أما عن ميلاد رديف فأنا سعيدة به وأراه بداية لكل كاتب وموطن حروفه الىمن، هناك حيث تنتقد كتاباتك بموضوعية وتجد من يعينك ويحترم ضعفك ويقدّم عدم معرفتك هناك حيث تخطئ بحرية ويكون خطأك نقطة قوة لتبدأ من هناك عكس الواقع الذي يجعل خطأك عارًا وربما تتوقف هناك لسنوات بسبب ناقد بائس اتهم حرفك بالنقص وهو ناقص الفهم والعقل وليس أنت.

تحدثت كثيرًا عن رديف ربما لأنني وجدت فيه نفسي ووضعني على الطريق بعد شتات طويل، وربما لأنه فكرته تشبه فكرتي التي فكرت أن أعمل عليها قبل أن أعرفه ثم حين وجدته مكتمل المعالم ضاحك المبسم ويرحب بالمشتريكن بسعة صدر. اخترت تبنّي الفكرة مجددا وتخليت عن فكرتي ربما مؤقتًا لأنني أعترف أنه الأفضل وأنصح به كل كاتب راغب في الاستمرار.

ــــــــــــــــــــــــ

حقوق الصورة البارزة: Photo by Madison Oren on Unsplash

اترك تعليقًا

إملأ الحقول أدناه بالمعلومات المناسبة أو إضغط على إحدى الأيقونات لتسجيل الدخول:

شعار ووردبريس.كوم

أنت تعلق بإستخدام حساب WordPress.com. تسجيل خروج   /  تغيير )

صورة تويتر

أنت تعلق بإستخدام حساب Twitter. تسجيل خروج   /  تغيير )

Facebook photo

أنت تعلق بإستخدام حساب Facebook. تسجيل خروج   /  تغيير )

Connecting to %s