22 قاعدة للسرد القصصي لدى عملاق أفلام الكرتون “بيكسار”

أصدقاء وأحباب الحمام الزاجل… أهلًا وسهلًا بكم في عالمي الفريد

فكرتُ كثيرًا في عدد اليوم، لا أدري لما يحاصرني كل هذا التشتت والنسيان، وكأنني لم أكتب من قبل… لا يا صديقي، أنا لا أعاني حبسة الكاتب، أنا أعاني من التشتت وضعف التركيز، واختلاف في الأولويات، أحاول جاهدةً الخروج من هذه المتاهة، وبإذن الله بدأت بوادر الحل تظهر، وسأشارك معك الحلول الناجعة قريبًا.

أذكر أنني سبق وحاولتُ نشر قواعد عملاق السرد القصصي في سرد القصص، ولا أدري لماذا لم أفعل ذلك، ربما لأن الوقت المناسب هو اليوم وليس فيما سبق. ولأن القواعد طويلة دعنا نبدأ فورًا…

شاركت فنانة القصة المصورة إيمّا كوتس Emma Coats في بيكسار هذه القواعد سنة 2011، ومن المهمّ أن يطّلع عليها كل كاتب، أو رائد أعمال…

أنظر إليّ! وكأني بك تقول: وما دخلي في رواية القصص؟ أنا كاتب محتوى (مهما كان نوعه)، ولا علاقة لي بسرد القصص. لكنك مخطئ يا صديقي، فقبل أن تغادر النشرة، تذكّر أنّ القصص هي جوهر التواصل الإنساني، وأنت بحاجة إلى أفضل طريقة للتواصل وجذب اهتمام الناس، ولن تجد أفضل من رواية القصص.

ملاحظة: القواعد المغمّقة من بيكسار، والتعليق عليها من المبدعة دليلة.

القاعدة الأولى

نُعجب بالشخصية لمحاولاتها، أكثر من إعجابنا بنجاحاتها.

نُعجب بأبطال القصص الذين يتعرّضون لتحديات وصعوبات، وتأسرنا لحظات السقوط، والقيام، والمحاولة مجددًا أكثر من النجاح. لهذا تذكّر أنّ جمهورك يهتم بمسار الشخصية، ولحظات ضعفها وقوتها وحتى انهياراتها… أما بالنسبة لقصص العلامات التجارية، والمنتجات فركّز على السبب والكيفية، أكثر من التركيز على لماذا…

القاعدة الثانية

ركّز على ما يهم جمهورك، وليس ما يهمك أنت بصفتك كاتبًا، قد يختلف الأمران كليًا.

انسَ نفسك في هذه المعادلة، وركز على الجمهور فهو الأهم ولستَ أنت. فلا تدع شهوة الحديث عن نفسك تُنسيك جمهورك. (أنت مهمٌ أيضًا، وستكون أفضل حين يقول كل قارئ من جمهوك وكأنه يتحدث عني).

القاعدة الثالثة

حاول تحديد فكرة قصتك من البداية، مع أنّ الفكرة لن تتضح كليًا إلا بعد إنهاء القصة، لذا أعد الكتابة.

نادرًا ما تنطبق نهاية القصة التي كتبتها مع نهاية القصة التي في مخيلتك، لذلك لا تحزن حين يحدث ذلك معك، وكن دائمًا على استعداد لإعادة كتابة القصة مجددًا، لتحقق الهدف الذي تطمح إليه.

القاعدة الرابعة

كان يا مكان… كل يوم… ذات يوم… وبسبب ذلك… ولأجل ذلك…، وأخيرًا…

أيًا كانت وظيفتك، كاتبًا كنت أو رائد أعمال، أو حتى متحدث أمام الجمهور… لا تتردد في استخدام هذا العمود الفقري اللطيف للقصة، لا يمكنني تجاوز هذه القاعدة بدون مثال:

كان محمد يذهب يوميًا إلى العمل من الثامنة إلى الخامسة، يذهب وقلبه يعتصر من السأم والملل، ويعود وهو يتكأ على التعب والنصب، ويدعوا الله متى ينقذه من هذه الدوامة المريرة، وذات يوم قرأ منشورًا على تويتر يقول صاحبه: الكتابة أنقذتني من مأساة دوامة الثامنة إلى الخامسة.

حرّكت هذه الجملة شيئًا ما في أعماقه، جعلته يستيقظ ويتذكّر أنه حقًا يعيش في مأساة، استمرّ في مأساته بينما يتفكّر في تلك الجملة بعمق. وفي اليوم التالي ظهرت له تدوينةٌ بعنوان كيف تغيرت حياتي بعد إنشاء مدونة؟ فجمع الجملة الأولى مع الثانية، متساءلًا: أدرك أنّ حياتي بحاجة إلى التغيير، فقد سأمتُ من هذا الروتين القاتل.

تذكّر محمد أنّه لطالما حلم بالعمل على الحاسوب، كانت صورة الحاسوب والقهوة على طاولة الشرفة تدغدغ مشاعره، بدأ الحلم يستيقظ مجددًا في قلب محمد، وفي اليوم التالي بدأ البحث عن طريقة إنشاء مدونة والكتابة عليها، أملًا في كسر دوامة السأم التي تُلجم إبداعه.

وأخيرًا أنشأ محمد مدونته، وبدأ في التدوين والنشر، وحقق حلم الكتابة على الحاسوب وهو يجلس على طاولته المقابلة للشرفة وهو يراقب المارة، أصبح محمد يدوّن ويصف لجمهوره كم أنّ وظيفته متعبة، وكم ظنّ أنّها سيئة وهي سبب عيشه النّكد، لكنه حين بدأ التدوين أصبح يستمتع بحياته. (لماذا ظننت أنه سيترك وظيفته، إنّه ليس بتلك الجرأة والشجاعة التي تخيلتها).

صورة لأحد أبطال أفلام بيكسار من اونسبلاش.

هذه أقصر قصة قد تقرأها، لكن حاولت تزييت مسننات إبداعي قليلًا، فقد كاد الصدأ يأكلها…

القاعدة الخامسة

بسّط، وركّز وادمج شخصيات قصتك، تجاوز التفاصيل المملة، واحذف المواقف المتوقعة، أنت بذلك لا تفقد تفاصيلًا من قصتك، بل أنت تعمّق جوهر القصة.

تحتاج كتابة القصص إلى شجاعة الحذف، ووصف ما تخشاه، والتصادم مع ما تتجنبه، لا تجعل قصتك اعتيادية، ومملة، بل تجوّل في قلب القارئ وعقله، وحدّثه عما يخيفه، ويرتعب من مشاركته، هكذا ستصنع قصة غير مألوفة وتأسر القارئ، وتخاطب داخله العميق.

القاعدة السادسة

أنت تعرف المريح لشخصيتك، ومالذي تُجيده؟ لا تتحدث عنه، بل تحدّاها واكتب عكسه، وانظر ماذا ستفعل؟

تصنع التحديات غير المتوقعة أحداثًا مثيرة للاهتمام، أما في مجال التسويق والعلامات التجارية، فعليك معرفة ماذا يقول متخصصوا مجالك، وقل نفسه بطريقة معاكسة.

القاعدة السابعة

ابدأ من نهاية القصة، حتى قبل أن يتبلور منتصفها، صدقًا النهايات صعبة لذا ابدأ بها أولًا.

يهتم الجمهور بنهاية القصة، فلا تُخيب جمهورك بنهاية سمجة. أما فيما يخص العروض التجارية وصفحات المبيعات، فابدأ والنهاية في مخيلتك.

القاعدة الثامنة

أكمل قصتك، ولا تحزن إن لم تجدها مثالية، واتركها، ففي خيالك تمتلك الاثنان (المثالية والرديئة)، واستمرّ ففي المرة القادمة ستقدّم الأفضل.

لا تدع الكمال يمنعك من النشر، أذكر أنني لم أكن في أتمّ الرضا عن مقالاتي أو قصصي، بل نشرتها وحسب. فلو نَشدنا الكمال فيما نكتب، لظلّ ما نكتب مجرّد مسودات.

القاعدة التاسعة

عندما تعْلَق في مكانٍ ما من قصتك، أكتب قائمة بكل ما لن يحدث في قصتك، حينها ستتدفق الأحداث المطلوبة والتي تبحث عنها.

تستحق هذه الحيلة أن نستخدمها حين تعترضنا لعنة الكاتب، أقصد حبسة الكاتب. أكتب قائمة بكل ما لا تريد الكتابة عنه، وستشرق في عقلك الأفكار التي لطالما رغبت في الكتابة عنها.

القاعدة العاشرة

فكك القصص التي تأسر اهتمامك، الجزء المثير منها هو جزءٌ يشبهك، حلله وتعرّف إليه جيدًا ثم استخدمه في قصصك.

ما يجعلك أفضل كاتب، أو أفضل راوي للقصص هو امتلاكك عينًا ثاقبة تقتنص أهم أجزاء القصة أو النص، راقب مالذي يثير اهتمامك ثم تساءل لماذا؟ هنا ستبدأ قصة مثيرة أو نص فريد في التبلور في بطيختك، أقصد رأسك.

القاعدة الحادية عشرة

عندما تطرأ الفكرة على عقلك، دوّنها وابدا في العمل عليها، فإن ظلت حبيسة رأسك، ستظل هناك حتى لو كانت فكرة مثالية.

لا تخزّن الأفكار في عقلك، أخرجها، ودوّنها وناقشها، واكتب عنها…، فعقلك ليس مكتبة، بل مقبرةٌ للأفكار، وإبقاء أفكارك هناك، هو وأدٌ لها، وليس مشاركة. لذلك أقول دائمًا: تدوينةٌ رديئة تُنشر، أفضل من مقالة مثالية في مخيلتك تندثر. (أشعر أنني شاعرة).

القاعدة الثانية عشرة

تجاهل الفكرة الأولى التي تخطر على بالك، وتجاهل الثانية والثالثة والرابعة والخامسة… تجاهل كل ما هو مألوف، حتى تصل إلى الجديد الفريد، فاجئ نفسك.

كيف ستعرف المألوف من الفريد إن لم تكتب؟ في كل الأحوال أنت بحاجة إلى الكتابة، كتابة الرديء لتصل إلى الأجود.

القاعدة الثالثة عشرة

أعطِ شخصياتك آراءها المستقلة (لا تكن متسلطًا)، قد تُعجَب بشخصياتك المتشككة، وعديمة الرأي. لكنها بالنسبة لجمهورك سمٌ زعاف.

وضوح شخصياتك وقراراتها، يجعل جمهورك يتخذ موقفًا، أما “يبدو” و”ربما” و”أظن ذلك” … احتفظ بالشكوك لنفسك، فهذا يجعل قصتك غير جادة.

القاعدة الرابعة عشرة

لماذا عليك سرد هذه القصة؟ مالمُعتقد التي يتّقد في داخلك، وتتغذى عليه هذه القصة؟ هذا هو جوهر قصتك.

إذا لم يكن لديك دافعٌ قوي لسرد القصة، ولم توقظك فجرًا أو منتصف الليل لكتابة جزءٍ منها، فتخلّى عنها.

القاعدة الخامسة عشرة

لو كنتَ مكان شخصيتك وفي ذات الموقف، كيف ستشعر؟ الصدق في المشاعر يجعل ما هو غير قابل للتصديق، حقيقي ويُصدّق.

إنّ ما يميز أفضل الكُتاب ورواة القصص، هو موازنتهم بين تقديم القيمة لجمهورهم، مع مشاركة قصص ومواقف شخصية وحقيقية.

القاعدة السادسة عشرة

ما هي المخاطر التي تواجهها شخصيتك؟ قدّم سببًا للتعاطف مع الشخصية ومساندتها، لكن ما لو فشلَت؟ حين تفشل هناك من سيقف معها.

باختصار، لا يحب الجمهور الشخصية الناجحة التي لا تخطئ، ولا تفشل… نحن قومٌ نحب التعاطف والمساندة، فأعطنا فرصةً لتقديم الدعم أيها الكاتب.

القاعدة السابعة عشرة

ما ضاع جهد كاتبٍ قط، إن لم تحقق قصتك الهدف، فلا تأس عليها. دعها واستمرّ في الكتابة، ستنجح لاحقًا، بلا شك.

تقبّل نفسك، فلن تكون جميع قصصك مثالية وتؤدي المطلوب، فمحاولتك تقديم الأفضل دائمًا يعرّضك للاحتراق. فالخسارة والضعف من طبيعتك، فتقبّل بشريتك، ولا تنشد الكمال دائمًا.

القاعدة الثامنة عشرة

تعرّف إلى نفسك، وفرّق بين المحاولة الجادة في تقديم أفضل ما لديك، وبين التشدّق وإثارة الجلَبة. فالقصة تجربة ومحاولة، وليست تعديلٌ وتحسينٌ لا ينتهي.

ننشغل كثيرًا بالتخطيط والتحسين المبالغ فيه. لكن صدّقني، المبالغة في التحسين والتخطيط ليست إلا تسويفٌ ومماطلة أنيقة.

القاعدة التاسعة عشرة

المصادفات العظيمة هي تلك التي تورّط شخصيات القصة، أما تلك المصادفات التي تخرجهم منها فهي غش محض.

هل يذكرك هذا بشيء؟ لابد أنّك تذكرت مصادفة ما جعلت البطل يخرج من مأزقه كما تخرج الشعرة من العجين، لم يحترم الكاتب عقلك في تلك اللحظة، أليس كذلك؟ إذًا لا تكن مثله يا صديقي، كن جادًا وواعيًا أكثر في استخدام الصدف.

القاعدة العشرون

تدرّب: خذ اللَبِنات الأساسية من الفلم الذي لم يعجبك، وأعد تشكيلها بالشكل الذي تفضّله.

ما رأيك أن تستخدم هذه القاعدة على نطاق أوسع، خذ أي تغريدة، أو منشور، أو مقال، أو إعلان… لم يُعجبك، وأعد تشكيله على النحو التي تحب.

القاعدة الواحد والعشرون

ضع نفسك مكان شخصياتك، وتقمص أدوارها، واسأل نفسك لماذا سأتصرّف بهذه أو بتلك الطريقة؟

ضع نفسك في مكان شخصياتك، وفي مكان جمهورك، اجعل القارئ يفهم من خلال أصالتك.

القاعدة الثانية والعشرون

ما هو جوهر قصتك؟ ما هي الطريقة الأكثر اقتصادية في سرد هذه القصة؟ إذا كنت تعرف ذلك، يمكنك البناء من هناك.

أخيرًا اسأل نفسك: ما الذي تحاول قوله حقًا وبأقل عدد ممكن من الكلمات. تخلص من كل ما يصرف انتباهك عن هذا الهدف.

وأخيرًا أنهيتها، لم أستمتع بالكتابة هكذا منذ فترة. أسأل الله أن تنال هذه القواعد إعجابك وتُرضي ذائقتك الإبداعية. لا تتردد في مشاركتها والتعليق برأيك أسفل هذه التدوينة.


أشكرك على قراءتك. ويسرّني استقبال رسالتك، أو طلبك لخدماتي، أو استشارة في الكتابة

بصدر رحب على واتساب.


حقوق الصورة البارزة: Photo by Max Cortez on Unsplash


اكتشاف المزيد من مدوّنة دليلة رقاي

اشترك للحصول على أحدث التدوينات المرسلة إلى بريدك الإلكتروني.

رأيان حول “22 قاعدة للسرد القصصي لدى عملاق أفلام الكرتون “بيكسار”

أضف تعليق