علاقتي مع المال وكيف أتعامل معها بالكتابة؟

مرحبًا بك صديقي القارئ في هذا المقال الغريب العجيب، الذي لن تقرأ مثله في مكان آخر. وإن قرأت مثله فأرجوا منك أن تضع رابطه في التعليقات. ولنبدأ مقال اليوم يا عزيزي.

دعني أعترف لك في البداية أنني أسوء شخص عرفه التاريخ في إدارة المال، وإن صحّ القول فأنا ذلك الساحر الذي يصنع للمال أجنحة ليطير بها. أو ربما أرسله في رحلة على متن صاروخ… أو ربما أجعله يسافر عبر الزمن في لمح البصر ولستُ أمزح. إنها حقيقة مرّة. لكن حدث ذات يوم أنّ أحدهم سخر مني وسط عدد من أفراد العائلة، وقال: دليلة لن تكفيها غرفة كاملة من المال…تخيّل!!!

لم يكن محقًا فأنا لستُ بذاك السوء. لكنني حزنتُ جدًا يومها. وبدأتُ أفكّر بشكل جدّي في الوضع، ,لأن الموقف استفزّني فهذا يعني أنه يحمل جزءًا من الحقيقة. ومن يومها بدأت في قراءة كتاب أغنى رجل في بابل، ثم كتاب أسرار عقل المليونير… وملخصات لكتب أخرى.

لا تتوقع أنّ الوضع تغيّر وإنما أصبحت فقط أكثر وعيًا في تعاملي مع المال، وقبل شهر تقريبًا ذهبتُ للتسوّق، واقتنيت بعض الأغراض وحين ذهبت للدفع اكتشفتُ أنّني أخذتُ شيئًا يفوق ميزانيتي، لكنني لم أسأل عن سعر كل قطعة على حدى ودفعت وغادرت المحل، لكن ظل شيء في صدري من الموقف… قد تبدو هذه القصة وكأنها لا علاقة لها بالمال لكنها أعمق مما تتخيّل.

فاشلة في الشراء وتكره البيع

سألتُ ذات مرة الأستاذ يونس بن عمارة عن البيع وكيف يسوّق المستقل ويبيع خدماته. وقد أجابني في مقال عن ذلك. لأن فشلي في الشراء يعكس عدم علاقتي السوية مع المال. حيث أنّ الشراء والبيع يسبب لي استفزازًا من نوع غريب. ولمعالجة ذلك انضممت لإحدى دورات فنون البيع في منصة إدراك وبدأتُ أراقب مشاعري وعلاقتي بهذه المصطلحات بشكل أكبر.

علاقة صفحة ادعمني مع المال

منذ دخولي للعمل الحر وأنا أحاول مراقبة علاقتي مع المال أكثر، وإلى اليوم لازال هناك مشاكل في عدم قدرتي على طلب رفع الأسعار، أو حتى طلب عمولة باي بال وإضافتها على العميل. لمجرد التفكير في ذلك تظهر مشاعر عار وخوف وحتى تأنيب على السطح، مشاعر يصعب التعامل معها.

منذ يومين نشرتُ كتابي المجاني على منصة غمرود مع خاصية مرونة في السعر أي بمعنى من يرغب في تحميله مجانًا فليفعل ومن يرغب بتقديم دعم لي فيمكنه ذلك أيضًا. لكن لم أفلح في نشر رابط الكتيب على منصات التواصل الاجتماعي، فالأمر يبدو وكأنه تسوّل… لكن ذلك أبعد ما يكون عن الصواب. لأنني قدمت محتوى تعبتُ فيه وهو مجاني تماما ويمكنني طلب مقابل له.

هل تعتقد أنّ ذلك من عبث؟ طبعًا لا. كل ذلك يتعلق بمشاعري حول المال والأهم أفكاري ومعتقداتي حول ذلك. وبعد أن نشرتُ صفحة الدعم على مدونتي وقد اقتبستُ الفكرة من طارق ناصر ويونس بن عمارة وحتى هادي الأحمد، ولم أنشر الصفحة على مواقع التواصل كما فعلت مع باقي الصفحات على مدونتي. وفي الغالب فإن سبب ذلك يعود إلى معتقد أنّ طلب المال يجعل منك شخصًا سيئًا أو ربما يناقض كونك معطاءً ومحبًّا للخير.

في حين أنّ المال جزء لا يتجزأ من أي عطاء. وهو في الأساس قيمة للتبادل. فبدل أن أعطيك مقالًا وتعطيني مقابله تمرًا أو أرزًا أنت تعطيني مالًا في المقابل وهذه كل القصة ولا تحتاج إلى أي تعقيد. لكن المشكلة لا تكمن فيما لا نعرفه عن المال بل في المعتقدات الخاطئة التي نحملها حول المال.

علاقة المال بعرق الجبين

قبل فترة عملتُ مع أحد العملاء في وصف منتجات لمتجره، وكتابة إعلان أيضًا للمنتج ومع أنّ الأمر لم يكن يأخذ معي أي جهد ولا عرق جبين. كان ينال إعجاب العميل بشكل رائع. وإلى الآن لم أطالب العميل بثمن العمل من ناحية لأنني أثق بالعميل ومن الناحية الأخرى هناك سبب أعمق. وحين سألتُ عن ثمن الكتابات الإعلانية وجدتُ أنّ السعر أكبر من جهدي. لكن كيف؟

بطريقة ما ارتبط في ذهني أنّ الشيء الذي نبرع فيه ونفعله بسهولة لا يستحق أن يُدفع لنا من أجله. لكن لماذا؟ ربما بسبب الصورة النمطية التي يعود فيها الأب مساءً وهويجفف عرقه. قد رسّخت فينا أنّ المال الصعب أكثر بركة ربما أو أكثر نُبلا من المال السهل. حقيقة لا أدري كيف يحدث كل ذلك لكنني أقول لك الحقيقة وكلما أفكر فيه بيني وبين نفسي أنا أبوح لك به الآن.

لو تلاحظ هناك من يحقق ملايين الدولارات بنقرة واحدة. هل يعني ذلك أن ماله ليس نبيلا أو أنّ ممارسته غير أخلاقية. طبعًا لا. إذن المشكلة في نظرتي للمال وليس المال فقط بل حتى طرق الكسب.

ما علاقة المال بالكتابة؟

نأتي للجزء الأهم في هذا المقال، قبل شهر تقريبا بدأتُ بكتابة كل فكرة تخطر لي حول علاقتي مع المال. وأطبق كل ما أقرأه في كتب المال. وأهم ما قمتُ به هو كتابة قصتي مع المال منذ الطفولة إلى الآن. كان الأمر في البداية صعبًا جدًا. كتبتُ كل تلك المواقف التي تعرضت فيها للرفض، وتلك المواقف التي استُضعفت فيها بسبب القلة والفقر. كتبتُ كل كلمة “لا” التي قيلت لي حين طلبتُ بضع دراهم… والكثير من المواقف الموجعة.

لا أخفيك أنني في بعض التفاصيل بكيتُ بحرقة، كيف يُكسر قلب وكبرياء الانسان بسبب الفقر. وهنا أدركت حقًا أنّ الفقر من الشيطان. فعلًا الفقر ليس عيبًا لكن عار على الانسان أن يتقبّله ويعيش فيه. فلو نعود إلى زمن الصحابة فإننا سنجد أغلب المبشرين بالجنة أثرياء، وحتى الأنبياء أثرياء… وأي ثراء. كانوا أثرياء ماليًا وروحيًا وحتى في العلم والأدب والعطاء كانوا في قمة الثراء على كل الأصعدة. فلو يكرر أمامي أحد أنّ الأنبياء كانوا فقراء سأقتله بمقال آخر.

وبعد أيام عدت لكتابة القصة لكن في هذه المرة لم أحزن. بل عرفتُ السبب كوني فقيرة إلى الآن. وكون مجتمعي فقيرا. ليس لأن الله قدّر علينا أن نعيش البؤس، بل لأنّ تصرفاتنا مع المال وأفكارنا حوله هي السبب. بل ذلك نتيجة حتمية لما نمارسه على الدوام مع المال.

تتوقع أنني أصبحتُ ثرية؟

نعم لأنني لم أكن فقيرة من الأساس، هل تعرف لماذا؟ لأن الفقر والغنى حالات ذهنية، أما الحالة المادية فهي تحصيل حاصل.

ــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ

أخبرني عن علاقتك مع المال؟ وشاركني كل ما ينفعني في ذلك؟

ــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ

حقوق الصورة البارزة: photo by Carolina on Pixels

4 رأي حول “علاقتي مع المال وكيف أتعامل معها بالكتابة؟

  1. المال يأتي ويذهب، اما تقدير مجهودنا فهو يرجع بحسب المنافسة في السوق، لا أخفيك فأنا أصلا لم ادخل مجال العمل حر لأنني اتوقف دائما عند نقطة المال، تبدو لي الوظيفة ذات الدخل المحدود المقطوع نهاية الشهر أكثر سهولة من المطالبة بقيمة العمل والتسعير وووالخ..

    شكرا لك

    Liked by 1 person

  2. أهلا ريم!

    يمكنك دخول العمل الحر إلى جانب الوظيفة، وتتعاملي مع المال والتسعير وغيرها من الأمور، كلها ستكون إضافة لك وتتعلمين الكثير…

    شكرًا بعمق لمرورك ريم🤍👋

    إعجاب

  3. رائعة دوما دليلة كما العهد بك، مقال يذكرني بحالي واخوتي، والعلاقة المعقدة مع المال والكسب، فبرغم بينتا الذي يفتح علي الطريق العام، والمطالبة من بعض اقربائنا بعمل متجر صغير، مستفيدين من الموقع.

    لكننا نعتذر بأننا لانستطيع التعامل مع المال، او كسر خاطر من يطرق متجرنا ولايملك المقابل، لن نستطيع مطالبته بعد ذلك بما عليه من دين.

    لكن لو تأملنا مانقدمه من خدمة تسد للمرء حوجة في لحظته، وظهور ذلك علي نفسيته، لربما سهل علينا المطالبة بمقابل.

    بالنسبة لتقدير الاجر،في كثير من الاحيان، يكون طالب الخدمة لايعرف مقدارها، او يعتقد ان الوقت المستقطع من قبلك في انجازها، لايحتاج مقابل كثير.

    وهذا ناتج من موروثاتنا ان العمل يرتبط بالصعوبة والعرق والوقت الطويل، عكس مايحصل الآن، علي الاقل في نظر العميل، يعتقد ان الامر ماهو الا كبسة ذر.
    موضوع جميل والحديث فيه ذو شجون

    Liked by 1 person

اترك تعليقًا

إملأ الحقول أدناه بالمعلومات المناسبة أو إضغط على إحدى الأيقونات لتسجيل الدخول:

شعار ووردبريس.كوم

أنت تعلق بإستخدام حساب WordPress.com. تسجيل خروج   /  تغيير )

صورة تويتر

أنت تعلق بإستخدام حساب Twitter. تسجيل خروج   /  تغيير )

Facebook photo

أنت تعلق بإستخدام حساب Facebook. تسجيل خروج   /  تغيير )

Connecting to %s