مرحبًا وأهلًا وسهلًا بك^^
تعدّ الكتابة مثلها مثل أي مهارة، يمكن صقلها وتطويرها من خلال التدرّب والممارسة سواءً الفردية أو مع معلّم، وهذا غير شائع في الوطن العربي. فأنا مثلًا تعلمتُ ذلك من خلال الكتب وأغلبها مترجمة عدا بعض الكتب التي ألفها كُتّابٌ عرب مثل الكاتبة بثينة العيسى صاحبة مشروع تكوين. وسأجمع لك في تدوينة أخرى بإذن الله قائمةً بالكتب التي يمكنك تعلم الكتابة من خلالها.
أما الطريقة الثانية وهي التعلم من خلال الورشات ورفقة معلّم، وهنا لا أرى مكانًا ولا معلمًا حاليًا أفضل من مجتمع رديف، لذا أنصحك بالاشتراك فيه، وبالموازاة مع القراءة والتعلم الذاتي جمعتُ لك عددًا من التمارين المختلفة التي يمكنك التعلم من خلالها وإيقاظ المارد الذي بداخلك، أقصد مارد الابداع والابتكار وإشعال فتيل الخيال وتطويعه لصالحك.
اختر ما يناسبك من التمارين الموالية وحسب نمط شخصيتك، ليس بالضرورة أن تنجح معك جميع التمارين، وإن طبقت واحدًا منها فقط فسيكون ذلك رائعًا وتذهلك نتائجه:
اكتب قصةً انطلاقًا من صورة
اذهب إلى أحد المواقع المليئة بالصور مثل: Pixels ،Pinterest ،Unsplash وغيرها…، واختر صورةً ملفتة وانطلق منها في حياكة قصة فريدة الأحداث، أصيلة الشعور والشخوص. ويمكنك البدء من الصورة الموالية، ما رأيك؟

حسنًا، قد لا تكون الصورة مناسبة لك، لقد اخترتها في عجالة لكن إليك بعض الأفكار:
الطفل يضحك لأنّ أمه في الزاوية تهمس له كم هو رائع وأنه هديتها من السماء، وتسترجع ذكريات الحمل وتغوص في ماضيها … أو ربما لأن الملائكة تدغده، يمكنك تخيّل شكل الملاك الأبيض وهو يدغدغ الطفل بجناحيه ثم يأخذه إلى عالم آخر…إذهب معهم واسرد لنا ما يحدث هناك.
الكلمات المبعثرة
لا أدري إن كان الاسم مناسبًا لكن يمكنك كتابة كلمات تنتمي إلى نفس الحقل الدلالي، بشكل عشوائي حتى تتشكل لديك فكرة واضحة يمكنك الانطلاق منها مثل: إله، ربّ، آلهة، قديس، كتاب مقدس، ثالوث، معبد، مسجد، مصلى، كافر، مؤمن… خطرت لي الآن فكرة شاب مهووس باكتشاف الديانات القديمة والحديثة، ثم ينتهي به المقام إلى العيش في الاهرامات بمصر بعد أن عاش أيامًا من حياته في مكة وفي جزيرة بالي، ربما يعتقد أنّه كان فرعونيًا في إحدى حيواته السابقة.
ملامح الآخرين
يمكن لملامح الآخرين أن تكون مصدرًا رائعًا للابداع، ذات مرة كنت في البلدية أنتظر صديقتي لتخرج بعض الوثائق، انشغلت بقراءة القصص الكاملة للكاتب يوسف ادريس، لاتعرفه؟ هشام فرج كتب عن قصته على مدونته. ثم جلس بجانبي رجل وابنته الصغيرة، كانوا خلفي قليلًا فلم أتمكن من رؤيتهم، كانت الطفلة تقارن شكل أباها في الواقع مع صورة بطاقة التعريف، وكانت تصفه ففهمت من كلامها أنه ازداد سُمرة ونحافة وأصبح أصلعًا، ومن خلال صوته فهمت أنه كبيرٌ في السنّ مقارنة بعمر الطفلة.
تركت القراءة وفتحت ملفات جوجل وتخيلت حياة الرجل، لا أدري لماذا تصورت أنه كان فقيرًا ولم تقبل به الفتيات حتى كبر في السنّ وافترضت أنّ لديه إعاقة ما… وما هي إلا لحظات حتى جاء دوره وذهب ليستلم أوراقه، فكان تمامًا كما تخيلته، قصيرٌ جدًا ويعاني من إعاقة في قدمه ويبدو عليه الفقر أيضًا.
تعديل أعمال الآخرين
كتب هاروكي موراكامي روايته كافكا على الشاطئ، وكتب يونس بن عمارة لو كان كافكا يملك هاتفًا نقالًا… يمكنك أن تكتب عن كافكا الذي لديه مدونة أو كافكا يأكل البغرير (أكل جزائري، يُصنع من الدقيق ويُزيّن بالزبيب والعسل) يُأكل في المناسبات ويقدّم في الأفراح. هذا مثال فقط، فلا تضع حدودًا لخيالك ولا تحكم على أفكارك، يمكنك أن تكتب عن كافكا لو يقرأ الروايات التي تحمل اسمه؟ ربما سيرفع دعوةً قضائية…

النظر في أغلفة الكتب
لا تقل لي أنه لم يسبق لك أن علقت على أحد الأغلفة، وقلت لو كان كذا… لكان أفضل، اذهب للمكتبات الالكترونية مثل: جرير أو أمازون… واختر الغلاف الذي يعجبك وطوّر منه فكرة، وربما قد تأتيك فكرة قبل أن تفكر.
فيما يلي صورة لعدد من الكتب في مكتبة تكوين، يمكنك تخيّل أحداث قصة بناءً على الغلاف فقط دون أن تقرأ المحتوى، حين رأيت غلاف الكتاب الثالث تبادر إلى ذهني أحداثًا لقصة قصيرة بطلتها فتاة نرجسية…

حلّل الحكم والأمثال
خطرت لي هذه الفكرة وأنا أكتب التدوينة ولا أعرف إن تحدث عنها أحدٌ من قبل، أنت تعرف أنّ كل الأمثال وراءها قصة ما. مثلًا: قصة نرسيس، الشاب الأجمل على الاطلاق، الذي ذُكر في الأسطورة اليوناينة. والذي رأى انعكاس صورته في البحيرة، فعشق نفسه وأحبّها وبدأ يحاول تقبيل انعكاسه في البحيرة، ومن شدة ولهه بنفسه ظل يحاول تقبيلها واحتضانها حتى نبتت قدماه مثل الجذور في عمق البحيرة ويقالُ غرق وتحوّل إلى زهرة تدعى زهرة النرجس، ومن خلال الاسطورة استلهم عالم النفس الشهير فرويد مصطلح النرجسية…
يمكنك اختيار مثَل أو حكمة ونسجُ القصة التي خلفه من خيالك، وأرنا حكمتك وإبداعك. ذكرت لك قصة نرسيس لأنها مصدر إلهام للكثيرين. حتى أنّ الكاتب باولو كويللو ذكرها في روايته الخيميائي حسبما أذكر.
تحدّث مع نفسك بصوت مرتفع
افتح حديثًا مع نفسك وبصوت مرتفع، لا تحكم على الكلام الذي سيتدفق من خلالك، لكن قبل ذلك لا تنس أن تُسجّل ذلك. لم أجرب ذلك من قبل لكن غالبًا ما تأتيني الأفكار الابداعية حين أفكر بصوت مرتفع.
أكتب نهايةً أفضل لقصة أخرى
نقرأ أحيانًا أعمالًا أدبية لكُتاب آخرين لكن لا تروقنا النهايات، يمكنك البداية حيث انتهو وضع مصيرًا مختلفًا لأبطال الرواية، وهذا ما ينطبق عليه الحكمة القائلة: بدل أن تلعن الظلام أوقد شمعة. وبدل أن تتذمر من نهاية الرواية انسج نهايةً أكثر تشويقًا.
أكتب يومياتك
لا تستهن بالتفاصيل التي تحياها في يومك، يمكنك بناء قصة فريدة من خلالها، دعني أشارك معك جزءً من يومياتي، يصلح أن يكون قصة تعالج أضرار الطلاق على المدى البعيد، وكيف يمكن للمشاكل العائلية أن تصنع مريضًا نفسيًا يشكّل خطرًا على الأجيال ولا سيما إن كان معلمًا.
زارتنا اليوم أمٌ لطفلة تبلغ من العمر تسع سنوات، كنتُ أدرّسها القرآن في السنة الماضية وكانت ممتازةً، ومن أحرص الأطفال على الدروس والحفظ.، وتفاجأتُ اليوم بأنها أعادت السنة، فسألتُ أمها عن السبب، فبدأت تسرد لي أحداثًا غريبةً عجيبة تقوم بها معلمتها (كانت متميزة مع معلمة قبلها) مثل: تفسد لها تسريحات شعرها، تتعمّد إهانتها أمام زملائها، تضربها، تُخرجها من القسم بسبب أناقتها وتتعذّر أنها في المدرسة وليست في عرس… والكثير الكثير من التصرّفات التي تنمّ عن مشاكل نفسية تعاني منها المعلمة.
ثم خطر لي أن أسأل عن اسم ولقب المعلمة، فتفاجأت أنها فتاةٌ درست معي في المرحلة المتوسطة، وعانت من مشاكل عائلية أكثر من كارثية وتخلى عنها كلا والديها وتربّت عند خالتها… بعيدًا عن هذه القصة وأخلاق المعلم، انسج قصة بنفسك من تفاصيل يومك.
أكتب رسالةً لشخص غريب
تخيّل شخصًا من عالم آخر أو حتى من عالمنا اليوم لكن في بلد آخر، واكتب له عن يومياتك وتخيل أنّه يردّ عليك ويحكي لك يومياته.
تخيّل شخصًا بائسًا بلغ السبعين من عمره، مدخّنٌ شره، يسكن في أحد الفنادق في لوس أنجلوس، يحلم أن يكون لديه صديقٌ حميم، شرط أن لا تكون عيونه زرقاء وأن لا يدخّن، وأن يستمع لقصصه السخيفة مع الفتيات اللواتي ضيّع ماله وشبابه معهنّ، وهو لا يريد إلا صديقًا يستمع له دون أحكام ثم ينتحر بعدها… ما رأيك أن تراسله وتقنعه أنّ الأوان لم يفت بعد ويمكنه بدل الانتحار والهروب أن يحسّن حياته. أنت على موعد مع تغيير حياة أحدهم فماذا تنتظر؟ أكتب…
هذه بعض الأفكار لتتدرّب من خلالها على الكتابة، بغضّ النظر إن كنت تعاني من قفلة الكاتب قبّح الله وجهها، ما أبشعها! لا تعترض إلا سبيل المبدعين، أو تعاني من فتور في إبداعك وأرهقتك الكتابة الأكاديمية أو أيًا كان السبب. طبّق هذه الأفكار وشاركني رأيك فيها، من خلال التعليقات أو تواصل معي على زر البرقية، ولحسن الحظ هناك تلجرام، بديل الحمام الزاجل، ولا تنس شارك المقال مع من تحب
ــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ
حقوق الصورة البارزة: Photo by Kaboompics on Pixels
رأي واحد حول “10 تمارين بسيطة لتطوير مهاراتك الكتابية، وتعزيز الإبداع لديك”