لمن تكتب؟ وكيف تكتب؟ وأسئلة أخرى تحتاج إلى إجابات، وقصة مخطوطة العم مورو

مرحبًا

أيًا كان ما مررت به اليوم فهو من سُنة الحياة وطبيعيٌ جدًا، فلا تقسُ على نفسك ولا تحزن ولا تبتئس، لأنه سيمضي. تجاوز، تغافل، وتعلّم… وحافظ على شعورك الجيّد.

تدوينة اليوم جاءت بناءً على تساؤلات كثيرة تطرق عقلي بشراسة أحيانًا، وتتوارى وتختفي أحيانًا أخرى. وتحتاج إلى تأمل وتوقف وتمعّن من أجل إيجاد إجابة شافية لها.

لمن نكتب؟

لا تقل لي أكتبُ لنفسي، لأنك إن كنت تكتب لنفسك فلماذا تنشر كتاباتك؟ ربما هناك من يكتب وينشر من أجل نفسه حتى لا أظلم أحدًا.

كما يمكن لنا أن نكتب لأسباب كثيرة. لنفرغ شيئًا من الأفكار والمشاعر المرتبكة بداخلنا. نكتب لنطمئن وتهدأ أرواحنا. نكتب لأننا نحب ونحيا من خلال الكتابة.

نكتب لنشارك جزءًا منا في شكل حروف وكلمات، لاشك أنّك جربت من قبل ذلك الشعور اللذيذ حين تقرأ لأحدهم وهو يعترف بشيء خاص به، ويشاركه معك كأنك صديقٌ حميم.

كيف تكتب؟

تختلف كيفيات الكتابة اليوم. نحن نكتب تعليقات ومنشورات وسائل نصية والكثير… حتى أننا أحيانًا نشعر بالاكتفاء بعد نقاش نصيّ في دردشة مع صديق, أو ربما نكتفي حين نجيب على سؤال في كورا أو حين نناقش مساهمةً على حسوب i/o، وأحيانًا نكتفي من كتابة يومياتنا سواءً على الدفتر أو على أحد تطبيقات تدوين اليوميات.

كنتُ أغضب من نفسي حين لا أدوّن يوميًا، لظنّي أنّ ذلك مردّه للكسل والتهاون، لكن الحقيقة أنني أكتب وبأشكال مختلفة وفي داخلي أشعر بالرضا حيال ذلك، ومع الوقت تزداد قدرتي في كتابة عدد كلمات أكثر وأعمق وأفضل. قد تكون مثلي يا صديقي فلا تقس على نفسك.

أسئلةٌ أخرى

نكتب في البداية أي شيء، نكتب عن أحلامنا وعن مخاوفنا وصدماتنا. وقد كتب عن ذلك الأستاذ طارق الموصللي في تدوينة له كيف تكتب عن صدماتك النفسية، أو نكتب لنكتسب عادة الكتابة وبطريقة ما نحاول عيش حياة الكُتّاب، لكن ماذا إن أصبح لدينا جمهور؟ هذا سؤالٌ وجودي آخر يعترض طريق الكاتب.

يقول جوش سبيكتر Josh Spector: جمهورك المثالي هو النسخة السابقة منك، أي جمهورك هو أنت في بداياتك. لنفترض أنك الآن مصممٌ محترف، فئتك المستهدفة هم أولئك الذين بدؤو أو يفكرون في دخول عالم التصميم، وعملك الآن هو الأخذ بأيديهم وتعريفهم على الطريق الأفضل لرحلتهم، وأن تٌجنّبهم الوقوع في نفس الأخطاء التي وقعت فيها في بداياتك.

لغتي لا تُسعفني لأكتب

كنت أمرّ بحالة من التشتت في صباح اليوم، وكل ما كان في قائمة المهام لم أجد في نفسي الدافعية لتأديته. أدرك أنّه ليس عليّ التصرف هكذا لكن لم تكن لديّ القدرة بكل معنى الكلمة. فبحثت عن شيء مختلف ورحت أقرأ عما يُعرف بأدب الرحلة (أدبٌ يدوّن فيه أصحاب الرحلات يومياتهم في اكتشاف البلدان والشعوب والثقافات مثل: كتب الرحالة المغربي ابن بطوطة وابن جبير، وصالح مرسي وحتى كتاب الرحلة لرضوى عاشور…)، وهنا تعرّفت على شخصية تارخية ولأول مرة.

عرفتُ شخصًا دمعت عيناي حين سمعتُ افتتاحية سيرته الذاتية، التي كتبها بلغة عربية فصحى مليئة بالأخطاء اللغوية، لم أتوقع أن يكون هناك انسانٌ بحاجة للكتابة عن نفسه ليعبّر عن ألمه ويختار اللغة العربية حتى وهو لا يتقنها، بدل لغته الأم. لأنه مسلم، هذا الرجل رائعٌ جدًا مع أنّه كان عبدً إفريقيًا يُباع ويُشترى في أمريكا.

مخطوطة عمر بن سعيد، العم مورو

أحدثت مخطوطة سيرته الذاتية التي انتقلت من جيل إلى جيل لمدة 156 سنة. جدلًا وتهافت عليها المحللون والمدققون والمترجمون وانتهى بها المطاف لتُباع في المزاد العلني، بالرغم من أنها سيرةٌ ذاتية لعبد مسلم ضعيف، لست هنا بصدد نقد سيرته الذاتية أو تدقيق وتصحيح لغته، وإنما لفتني شخص هذا الرجل، شخص عمر بن سعيد. الذي لم يخجل ولم يسمح لحاجز اللغة أن يثنيه عن كتابة سيرته المؤلمة، ويخبر العالم عن ألم العبيد ووجعهم الصامت.

بعد أن عرفتُ اسمه وقصته استمعتُ لتدوينة صوتية رائعة تناولت قصة حياته بشكل سهل وإلقاء ممتع، من إبداع بودكاست منبت بعنوان: سعيد بن عمر/السفينة. وهناك سلسلة من أربع حلقات أنصحك بها ستستمتع جدًا.

عمر بن سعيد الملقب بالعم مورو

أرأيت كيف لهذه المخطوطة أن تصل إلينا رغم أنها لم تكن شعرًا ولا حتى رواية أو أدبًا بليغًا. فلماذا مازلت تخاف من أخطائك اللغوية والاملائية ابدأ الآن في التعلم واكتب، فإن كتب عمر بن سعيد بالفحم على جدران الزنزانة، وهو عبدٌ. فما عذرك أنت ولديك كل الوسائل، القواعد اللغوية ستتعمها بالممارسة والكتابة المستمرة.

وإن كنت ذا بال طويل فعليك بهذه الدورة في أساسيات قواعد اللغة العربية من إدراك، ويمكنك أيضًا الدخول لدورات أخرى تجدها في ثريد نشرته منصة رديف، وأنصحك أيضًا بالاشتراك في رديف.

ثريد يجمع دورات لتعلم الكتابة

وصلنا لنهاية التدوينة، إن أعجبتك واستفدت منها شاركها مع من تحب، وابقَ بخير.

ــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ

حقوق الصورة البارزة: Photo by Karolina on Pixels

ـــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ

لديك ما تقوله لي ولا يمكنك التعليق على التدوينة؟ لا عليك تواصل معي بشكل مباشر على التلجرام

3 رأي حول “لمن تكتب؟ وكيف تكتب؟ وأسئلة أخرى تحتاج إلى إجابات، وقصة مخطوطة العم مورو

اترك تعليقًا

إملأ الحقول أدناه بالمعلومات المناسبة أو إضغط على إحدى الأيقونات لتسجيل الدخول:

شعار ووردبريس.كوم

أنت تعلق بإستخدام حساب WordPress.com. تسجيل خروج   /  تغيير )

صورة تويتر

أنت تعلق بإستخدام حساب Twitter. تسجيل خروج   /  تغيير )

Facebook photo

أنت تعلق بإستخدام حساب Facebook. تسجيل خروج   /  تغيير )

Connecting to %s