أجلس الآن حيث جلستُ أول مرة لأكتب تدوينات على منصة رقيم، حين قررتُ ولوج عالم كتابة المحتوى، لكن الفرق أنني حينها كتبت بهاتف مدمّر نفسيًا وعاطفيًا وطاقيًا، لكن بروح متقدة تشعّ بالحماس وروح المبادرة. صحيحٌ أنني اليوم أكتب من خلال حاسوبي سرّ سعادتي، إلا أنني أشعر وكأنني أجمع طاقتي وحماسي بشقّ الأنفس.
أخجلني المبدع منذر بذكري في تدوينته، بقوله:
المهم أنني قرأت لديهم أفكارا لقهر ما يطلقون عليه “حبسة الكاتب”، وأظن أن ما سأذكره من ذلك قرأته في كتاب “رحلة صانع محتوى” أو أيا كان اسمه للأستاذة دليلة -زادها الله نفعا-، وهو كتاب طيب جميل محتواه بإذن الله، وبالنسبة لي قفقد حاز إعجابي، فجزاها الله عني خيرا، المهم أنها ذكرت أفكارا فكان منها ما معناه “إن قهرتك قلة الأفكار وشحها، وطغت عليك الحبسة وغلبتك، فأكتب عنها هي، هاجمها، مزقها، أطنب في وصفها، فهذا موضوع قائم بذاته رائع تكتب عنه” وهذا كلام حقيقي،
من تدوينة منذر البشري
إذا كان لديك فضول حول كتابي “رحلة كاتب محتوى” فحمّله مباشرة من دار بسمة للنشر الإلكتروني.
لا أدري كيف أستمر في هذه التدوينة من شدة انقطاعي عن مدونتي، صحيح أنني لازلتُ أكتب للعملاء ولله الحمد لكن شتّان بين هذا وذاك، أن تكتب تحت عنوان محدد وبمعايير مُلزمة وفي مدة متفق عليها مسبقًا، وأن تكتب ويتدفق فؤادك بحروف صادقة تنحدر من ينابيع قلبك… لا يتشابهان والله، والكتابة من القلب ليس كمثلها شيء.
أسعد كثيرًا حين تأتيني شعارات تحميل كتابي من منصة كتاب رقمي، أو يطلب أحدهم الرابط على إكس، وأسعد أكثر حين يقول أحدهم أنّه عاش رحلة ممتعة مع رحلتي وعاشها بتفاصيلها… وهذا يجعلني أتمنى أن أعود إلى سابق عهدي، لكن تجري الأقلام بما لا يشتهي الكاتب (شاعرة! وأعرف نفسي).
وكما قال الزميل منذر، إنقطاعي لم يكن لقلة الوقت أو الانشغال أو حتى كثرة الأعمال ولا لشحّ الأفكار… بل بسبب تغيّر الأولويات، وربما تغيّر المسار… فأنا لم أقرر بعد إن كنت سأعود للكتابة عن كتابة المحتوى ومشتاقاتها، أم أنّ البوصلة ستتغيّر.
لكن الخلاصة هي أنني أريد العودة لا ريب. حتى ولو كتبت عن يومياتي وما يمر على خاطري من أفكار وهواجس في اليوم والليلة، وستكون هذه تدوينةً تمهيدية ربما، فأنا لا أقدم وعدًا بالعودة ولكنني سأحاول العودة.
اقترب لأخبرك سرًا، لكن لا تفضحني ولا تخبر أحدًا… أعود الآن لهذه التدوينة بعد أكثر من أسبوع، أعود وأنا بالكاد أستطيع الجلوس على مكتبي، ولسوء حظي حتى الإنترنت سيء للغاية. إضافةً إلى كسلي ومماطلتي، تخيّل أن يواجه المرء كل هذا!
حسنًا، وبعد نواح طويل وعويل، جئت الآن لأخبرك يا صديقي أنّ الكاتب أيضًا يحتاج إلى القارئ وليس العكس وحسب، صحيح أنني حاولت قهر المزاجية، وادّعاء الصلابة النفسية والذهنية، وأنّ الكتابة هي أفضل ما يمكنني ممارسته كمهنة وهواية، لكن هيهات.
لا أقصد بذلك أنّ الكتابة خيارٌ سيء، لكنني أقصد أنّ الحياة قد تحتّم عليك مهام أخرى ولفترات ربما مؤقتة أو طويلة، تجعلك تقرر التأقلم مع ظروفك الحديثة واختيار الكتابة أيضًا. أو ربما التخلي والالتزام بالباقي، لكن للأمانة العمل من المنزل سواءً في الكتابة أو غيره أراه أفضل خيار لربة المنزل رغم صعوبته البالغة.
قد لا يراه البعض كذلك لكن حسب تجربتي من الوظيفة خارج المنزل، أرى أنّه خيار أفضل وقد سبق وتحدثت عن ذلك في تدوينة سابقة.
أكتب وابنة اختي ذات الـسنة وبضع أشهر تأتي وتناديني كل مرة (ديييييييا)، ولا تذهب حتى أنتبه لها وأنظر إليها وأرد عليها بلغتها… تُرى كيف تفعل الأمهات حين تتدفق أفكارهن ويدخلن في حالة من التركيز وفقدان الإحساس بما حولهم، ثم يأتي أطفالهن يطلبن الاهتمام والانتباه، فتطير الأفكار؟ ربما لهذا السبب كانت تخاف العزيزة مريم بازرعة من الكتابة حين كان أطفالها صغار [استمع لحديثها عن تجربتها في حلقتها معي على بودكاست رحلة كاتب].
أكثر ما يسعدني اليوم هو أنني أنهيتُ هذه التدوينة وأنا على مكتبي القديم الذي اشتريته من المال الذي كسبته من عملي في الكتابة، وكم أحبّ مكتبي هذا صغر حجمه إلا أنّه حمل ذات يوم أفكارًا وأحلامًا عظيما ولازال يفعل بإذن الله.
هذا ما كان في جعبتي كنت أتمنى أن أكتب أكثر لكن تلك الصغيرة لا تكفّ عن مناداتي، والعبث بلوحة المفاتيح ومحاولة أخذ نظاراتي تارةً وفصل الشاحن تارة أخرى… أرجوك لا تتوقف عن الكتابة، واستمر في المحاولة دائمًا.
وهنا أوجّه تحية لكل الرائعات اللواتي يخضن تحدي رديف بكل همة وحماس، المترجمة الراقية الغالية سهام سلطان، وأدعوك لقراءة تدويناتها الرائعة. والمبدعة أميرة شندي التي قطعت نصف الرحلة، وأتمنى أن أقرأ لها التدوينة الأربعين فلا تنس زيارة مدونتها والقراءة لها.
وكذلك المبدعة الراقية مريم العواد التي أتمت التحدي ولم يتبقّ لها إلا يومان وتنهي التحدي بنجاح. وطبعًا لا أنسى عميد التدوين، الذي يبذل جهدًا مشكورًا وأسأل الله أن يجزيه ألف خير عما يبذله من تقديم نفع في نشرته صيد الشابكة، وما يقدمه للردفاء. اشترك في رديف أو في تحدي رديف، وكن معنا في رحلة رديف الرائعة.
وإلى اللقاء.
ـــــــــــــــــــــــــــ
الصورة البارزة سبق ونشرتها، ولسوء النت أعدت اسنخدامها.
اكتشاف المزيد من مدوّنة دليلة رقاي
اشترك للحصول على أحدث التدوينات المرسلة إلى بريدك الإلكتروني.
سعيدٌ بعودتك دليلة.
إعجابLiked by 1 person
السلام عليكم ورحمة الله وبركاته
ألا قف بذا الربع وحي الأسطرا
وحي هنا ذاك الرقيم المسهرا
لست أدري على أي بحر هذا، لأنني لست متبحرا في البحور على الإطلاق، بل مكتف ببحرين بل ثلاثة مؤقتا، لكن هذا موزون بإذن الله، حاستي تخبرني بذلك😂.
ها، وبعد طول انتظار، أزهرت أرض كادت أن تمحل، واخضرت دمنة أوشكت أن تجدب، فالحمد لله أن مدها بغيث أحياها، وعزم بلغ من الشدة مداها.
ليست العبرة بطول الانقطاع، ولا الالتفات لبعد العهد وقلة التعاهد، بل بالرجوع، فمثل ذلك من فضل الله ورحمته
( قل بفضل الله ورحمته فبذلك فليفرحوا..)
وما أؤمله ويؤمله كل رشيد، أن لا تقطعي عنا غيثك، وألا تنطفئ تلك الجذوة التي كادت أن تخبو، فإن الجذوة إذا كان لها من العزم نصيب، لا تزيدها عواصف الدهور إلا اضطراما، ولا تغير اتجاه الرياح إلا تأججا واحتداما.
وأينما انحرفت بوصلة مسير الإنسان، لتَغير القطب الذي تشير إليه وهي المصاعب والطروء التي تطرأ فتقتضي تبدل الأحوال، وإعادة ترتيب الأولويات، وتعديل الاهتمامات، فإنه وكما كتب آل دريف دائما، يظل الإنسان محافظا على جوهره، وجوهر الكاتب الكتابة، فلا بأس أن تبدئي من نقطة النهاية، أو تواصلي غرسك في ترب مختلفة، لكن، وذاك ما أعتقده، تظل المدونة الشخصية أبدا احتياجا رئيسا، وتبقى للكاتب كنزهة ومحل راحة، يسكب فيها من مشاعره وأحاسيسه ما شاء كما شاء وقتما شاء، يعرب فيها عن آرائه، ويصف انطباعاته ورؤاه.
ولست أظن أحدا يخالفني هذا الرأي، بل قد أشرت إلى ذلك في هذه التدوينة، فليس قولي إلا تحصيل حاصل، ومضغ ممضوغ، لكنه تذكرة، والذكرى على تكرارها ينتفع بها أولوا الألباب.
وتدوينتك هذه أفادتني حتى في تدويني، فقد لاحظت خطأ إملائيا تكرم به سبق الأصابع، وأقره بتمريره الإهمال، وشجع على نشره النزق وعظم المبالاة بالمآل.
وقد ذكرت سابقا أنني لا أراجع تدويناتي، نظرا لما احتوت عليه من التطويل والإملال، وعزمي -إن صح مني عزم- أن أراجعها حالما تروق الحال وينصلح البال وأجد مني على ذلك إقبالا.
وقد أصلحت ذلك الخطأ بالذات، والحمد لله على نعمه، وبه نعوذ من نقم الدنيا وآفات النفس.
جزاك الله خيرا، دمت ودام عطاؤك، والسلام عليكم ورحمة الله وبركاته.
إعجابLiked by 1 person
نعم
أردت أن أعقب لأبين معنى تلك الكليمات التي بها استفتحت، الربع عنيت به هنا الناحية، والناحية كما أنها تكون حسية فقد تكون معنوية، فالمدونة ناحية افتراضية.
وأما الأسطر فأسطر التدوينة بالطبع، وخصصتها دون غيرها لما اشتملت عليه من حزم وعزم وبث روح في ميت أو كاد.
وأما الرقيم، ففعيل بمعنى مفعول، فهو مرقوم أي مسطور مكتوب، ووصفت بالإسهار لأن الكاتب تسهره الكتابة، لا سيما كتابة كتلك التي كتبتها، والتي تطلبت من العزم والإقدام أضعاف غيرها.
وهذا من بدهيات الأمور، لأن العودة إلى مهمل أصعب بمرات من ابتدائه، والابتداء أصعب بمرات من مواصلة إنشائه.
والسلام عليكم ورحمة الله وبركاته
إعجابLiked by 1 person
مرحبا بعودتك زميلتي دليلة
إعجابإعجاب